فصل: كتاب السرقة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


كتاب السرقة

عقب به الحدود؛ لأنه منها مع الضمان قهستاني‏.‏ قلت‏:‏ وكأنهم ترجموا لها بالكتاب دون الباب لاشتمالها على بيان حكم الضمان الخارج عن الحدود فكانت غيرها من وجه، فأفردت عنها بكتاب متضمن لأبواب تأمل‏.‏ قال القهستاني‏:‏ وهي نوعان؛ لأنه إما أن يكون ضررها بذي المال أو به وبعامة المسلمين، فالأول يسمى بالسرقة الصغرى والثاني بالكبرى، بين حكمها في الآخر؛ لأنها أقل وقوعا وقد اشتركا في التعريف وأكثر الشروط ا هـ‏.‏ أي؛ لأن المعتبر في كل منهما أخذ المال خفية، لكن الخفية في الصغرى هي الخفية عن غين المالك أو من يقوم مقامه كالمودع والمستعير‏.‏ وفي الكبرى عن عين الإمام الملتزم حفظ طرق المسلمين وبلادهم كما في الفتح، والشروط تعلم مما يأتي ‏(‏قوله هي لغة أخذ الشيء إلخ‏)‏ أفاد أنها مصدر وهي أحد خمسة‏.‏ ففي القاموس‏:‏ سرق منه الشيء يسرق أي من باب ضرب سرقا محركة وككتف وسرقة محركة أي ككلمة وكفرجة أي بضم فسكون وسرقا بالفتح أي مع السكون والاسم السرقة بالفتح وكفرجة وكتف ا هـ‏.‏ موضحا ‏(‏قوله خفية‏)‏ بضم الخاء وكسرها ط عن المصباح ‏(‏قوله مجاز‏)‏ أي من إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول كالخلق بمعنى المخلوق ‏(‏قوله وشرعا باعتبار الحرمة إلخ‏)‏ يعني أن لها في الشرع تعريفين‏:‏ تعريفا باعتبار كونها محرمة، وتعريفا باعتبار ترتب حكم شرعي عليها وهو القطع، ومر نظيره في الزنا ‏(‏قوله أخذه كذلك‏)‏ أي أخذ الشيء خفية ‏(‏قوله أخذ مكلف‏)‏ شمل الأخذ حكما، وهو أن يدخل جماعة من اللصوص منزل رجل ويأخذوا متاعه ويحملوه على ظهر واحد ويخرجوه من المنزل، فإن الكل يقطعون استحسانا وسيأتي بحر‏.‏ وأخرج الصبي والمجنون؛ لأن القطع عقوبة وهما ليسا من أهلها، لكنهما يضمنان المال كما في البحر ‏(‏قوله أو عبدا‏)‏ فهو كالحر هنا؛ لأن القطع لا يتنصف بخلاف الجلد ‏(‏قوله أو كافرا‏)‏ الأولى أو ذميا لما في كافي الحاكم أن الحربي المستأمن إذا سرق في دار الإسلام لم يقطع في قول أبي حنيفة ومحمد‏.‏ وقال أبو يوسف أقطعه ‏(‏قوله أو مجنونا حال إفاقته‏)‏ الأولى أن يقول أو مجنونا في غير حال أخذه؛ لأن قوله ولو أنثى إلخ تعميم للمكلف فيصير المعنى أخذ مكلف ولو كان ذلك المكلف مجنونا في حال إفاقته، ولا يخفى ما فيه، فإنه في حال الإفاقة عاقل لا مجنون إلا أن يجعل حال إفاقته ظرفا لأخذ فكأنه قال أخذ مجنون في حال إفاقته فيصدق عليه أخذ مكلف، وإنما سماه مجنونا نظرا إلى حاله في غير وقت الأخذ فيرجع إلى ما قلنا تأمل‏.‏ والحاصل كما في البحر والنهر أنه إذا كان يجن ويفيق، فإن سرق في حال إفاقته قطع وإلا فلا‏.‏ ا هـ‏.‏ بقي لو جن بعد الأخذ هل يقطع أم تنتظر إفاقته‏؟‏ قال السيد أبو السعود‏:‏ ظاهر ما قدمه في النهر من أنه يشترط لإقامة الحد كونه من أهل الاعتبار يقتضي اشتراط إفاقته، إلا أن يفرق بين الجلد والقطع بأن الذي يحصل به الجلد لا فائدة فيه قبلها لزوال الألم قبل الإفاقة بخلاف القطع‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لكن في حد الشرب من البحر‏:‏ إذا أقر السكران بالسرقة ولم يقطع لسكره أخذ منه المال ثم قال شهدوا عليه بالشرب وهو سكران قبلت، وكذا بالزنا وهو سكران، كما إذا زنى وهو سكران وكذا بالسرقة وهو سكران، ويحد بعد الصحو ويقطع ا هـ‏.‏ فهذا يفيد اشتراط صحوه إلا أن يفرق بين الجنون والسكر بأن السكر له غاية، بخلاف الجنون، لكن الظاهر انتظار إفاقته لاندراء الحد بالشبهة، وهي هنا احتمال إبداء ما يسقطه إذا أفاق كما لا يقطع الأخرس لذلك تأمل ‏(‏قوله ناطق بصير‏)‏ زاد في البحر هنا قيدا آخر، وهو كونه صاحب يد يسرى ورجل يمنى صحيحتين، وسيأتي في فصل القطع‏.‏ ‏(‏قوله لجهله بمال غيره‏)‏ يعني أن مقتضى حاله ذلك ‏(‏قوله عشرة دراهم‏)‏ لما رواه أبو حنيفة مرفوعا‏:‏ «لا تقطع اليد في أقل من عشرة دراهم» ورجح هذه على رواية ربع دينار ورواية ثلاثة دراهم؛ لأن الأخذ بالأكثر أحوط احتيالا للدرء كما بسطه في الفتح، وأطلق الدراهم فانصرفت إلى المعهودة، وهو أن تكون العشرة منها وزن سبعة مثاقيل كما في الزكاة بحر، ومثله في الهداية وغيره‏:‏ وبحث فيه الكمال بأن الدراهم كانت في زمنه صلى الله عليه وسلم مختلفة‏:‏ صنف عشرة وزن خمسة، وصنف وزن ستة، وصنف وزن عشرة، فمقتضى ترجيحهم الأكثر فيما مر ترجيحه هنا أيضا، وتمامه في الشرنبلالية ‏(‏قوله ولم يقل مضروبة‏)‏ أي مع أن ذلك شرط للقطع في ظاهر الرواية ‏(‏قوله جيادا‏)‏ فلو سرق زيوفا أو نبهرجة أو ستوقة فلا قطع إلا أن تكون كثيرة قيمتها نصاب من الجياد بحر ‏(‏قوله أو مقدارها‏)‏ أي قيمة، فلو سرق نصف دينار قيمته النصاب قطع عندنا بحر وهو عطف على عشر‏.‏ ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله فلا قطع بنقرة‏)‏ هي القطعة المذابة من الذهب والفضة قاموس والمراد الثاني ط وهذا محترز كون العشرة مضروبة، ومثله ما لو سرق أقل من وزن عشرة فضة تساوي عشرة مسكوكة لا يقطع؛ لأنه مخالف للنص في محل النص، وهو أن يسرق فضة وزن عشرة كذا في الفتح، فأفاد أن الفضة غير المسكوكة يعتبر فيها الوزن والقيمة‏:‏ أي كون وزنها عشرة تساوي عشرة مسكوكة، فلا قطع لو نقص الوزن عن عشرة وإن بلغ قيمة المسكوكة كمسألتنا هذه، ولا في عكسه كمسألة النقرة ‏(‏قوله ولا بدينار‏)‏ محترز قوله أو قيمتها‏.‏ وأفاد به أن غير الدراهم يقوم بها وإن كان ذهبا كما في الفتح ‏(‏قوله وقت السرقة ووقت القطع‏)‏ فلو كانت قيمته يوم السرقة عشرة فانتقص وقت القطع لم يقطع إلا إذا كان النقص لعيب حدث أو لفوات بعض العين كما في الفتح والنهر ‏(‏قوله ومكانه‏)‏ فلو سرق في بلد ما قيمته فيها عشرة فأخذ في أخرى وقيمته فيها أقل لا يقطع فتح، ‏(‏قوله بتقويم عدلين‏)‏ حال من قوله أو مقدارها ‏(‏قوله عند اختلاف المقومين‏)‏ أي بأن قومه عدلان بنصاب وعدلان آخران بأقل منه، وأما لو اختلفوا بعد اتفاقهم على النصاب فإنه لا يضر كما هو ظاهر ‏(‏قوله إلا إذا كان وعاء لها عادة‏)‏؛ لأن القصد فيه يقع على سرقة الدراهم، ألا ترى أنه لو سرق كيسا فيه دراهم كثيرة يقطع وإن كان الكيس يساوي درهما بحر‏:‏ وفهم منه أنه لو علم بما في الثوب يقطع كما صرح به في المبسوط؛ لأن المعتبر ظهور قصد النصاب، وكون المسروق كيسا فيه دلالة القصد، ولا يقبل قوله لم أقصد لم أعلم كما في الفتح، فإقراره بالعلم بما في الثوب فيه دلالة القصد بالأولى‏.‏ ‏(‏قوله ولا ينتظر‏)‏ أي إذا طلب المالك تضمينه فله ذلك في الحال لوجود سببه؛ لأنه يقدر على تسليمه للحال فصار مستهلكا ‏(‏قوله خفية‏)‏ خرج به الأخذ مغالبة أو نهبا، فلا قطع به لو كان في المصر نهارا وإن دخل خفية استحسانا نهر ‏(‏قوله وابتداء فقط لو ليلا‏)‏ حتى لو دخل البيت ليلا خفية ثم أخذ المال مجاهرة ولو بعد مقاتلة من في يده قطع بحر ‏(‏قوله وهل العبرة‏)‏ أي في الخفية لزعم السارق أن رب الدار لم يعلم به أم لزعم أحدهما، وإن كان رب الدار فيه خلاف‏:‏ ويظهر ذلك فيما لو ظن السارق أن رب الدار علم به مع أنه لم يعلم، فالخفية هنا في زعم رب الدار لا في زعم السارق‏.‏ ففي الزيلعي‏:‏ لا يقطع؛ لأنه جهر في زعمه‏.‏ وفي الخلاصة والمحيط والذخيرة‏:‏ يقطع اكتفاء بكونها خفية في زعم أحدهما، أما لو زعم اللص أنه لم يعلم به مع أنه عالم يقطع اكتفاء بزعمه الخفية، وكذا لو لم يعلما اتفاقا‏.‏ وأما لو علما فلا قطع بالمسألة رباعية كما أفاده في البحر ‏(‏قوله من صاحب يد صحيحة‏)‏ حتى لو سرق عشرة وديعة عند رجل ولو لعشرة رجال يقطع فتح ‏(‏قوله فلا يقطع السارق من السارق‏)‏ هكذا أطلقه الكرخي والطحاوي؛ لأن يده ليست يد أمانة ولا ملك فكان طائعا قلنا نعم، لكن يده يد غصب والسارق منه يقطع‏.‏ والحق ما في نوادر هشام عن محمد‏:‏ إن قطعت الأولى لم أقطع الثاني وإن درأت عنه الحد قطعته، ومثله في أمالي أبي يوسف كذا في الفتح نهر‏.‏ وعلى هذا التفصيل مشى المصنف في الباب الآتي‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

في كافي الحاكم‏:‏ ولا يقطع السارق من مال الحربي المستأمن ‏(‏قوله مما لا يتسارع إليه الفساد‏)‏ سيأتي هذا في المتن مع أشياء أخر لا يقطع بها، فإذا كان مراده استيفاء الشروط كان عليه ذكر الباقي تأمل ‏(‏قوله متقوما مطلقا‏)‏ أي عند أهل كل دين ط ‏(‏قوله فلا قطع بسرقة خمر مسلم‏)‏ هذه العبارة مع التطويل لا تشمل سرقة المسلم خمر الذمي، ولو قال فلا قطع بسرقة خمر لكان أخصر وأشمل‏.‏ ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله بدائع‏)‏ تمام عبارتها على ما في البحر‏:‏ فلو سرق بعض تجار المسلمين من البعض في دار الحرب ثم خرجوا إلى دار الإسلام فأخذ السارق لا يقطعه الإمام ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وظاهره أن الحكم كذلك لو سرق في دار البغي ثم خرجوا إلى دار العدل تأمل‏.‏ ولم يذكر سرقة أهل العدل من أهل البغي وعكسه‏.‏ وفي كافي الحاكم‏:‏ رجل من أهل العدل أغار على عسكر البغي ليلا فسرق من رجل منهم مالا فجاء به إلى إمام العدل لا يقطعه؛ لأن لأهل العدل أخذ أموالهم على وجه السرقة ويمسكه إلى أن يتوبوا أو يموتوا، وفي العكس لو أخذ بعد ذلك فأتى به إمام أهل العدل لم يقطعه أيضا؛ لأنه محارب يستحل هذا ا هـ‏.‏ ملخصا ‏(‏قوله من حرز‏)‏ هو على قسمين‏:‏ حرز بنفسه، وهو كل بقعة معدة للإحراز ممنوع من الدخول فيها إلا بإذن كالدور والحوانيت والخيم والخزائن والصناديق‏.‏ أو بغيره، وهو كل مكان غير معد للإحراز وفيه حافظ كالمساجد والطرق والصحراء‏.‏ وفي القنية‏:‏ لو سرق المدفون في مفازة يقطع بحر‏.‏ قلت‏:‏ وجزم المقدسي بضعف ما في القنية كما نذكره في النباش ‏(‏قوله بمرة واحدة‏)‏ فلو أخرج بعضه ثم دخل وأخرج باقيه لم يقطع زيلعي وغيره‏.‏ قلت‏:‏ وهذا لو أخرجه إلى خارج الدار لما في الجوهرة‏:‏ ولو دخل دارا فسرق من بيت منها درهما فأخرجه إلى صحنها ثم عاد فسرق درهما آخر وهكذا حتى سرق عشرة فهذه سرقة واحدة، فإذا أخرج العشرة من الدار قطع، وإن خرج في كل مرة من الدار ثم عاد حتى فعل ذلك عشر مرات لم يقطع؛ لأنها سرقات ا هـ‏.‏ ومثله في التتارخانية، لكن ذكر في الجوهرة أيضا‏:‏ لو أخرج نصابا من حرز مرتين فصاعدا، إن تخلل بينهما اطلاع المالك فأصلح النقب أو أغلق الباب، فالإخراج الثاني سرقة أخرى فلا يجب القطع إذا كان المخرج في كل دفعة دون النصاب، وإن لم يتخلل ذلك قطع ا هـ‏.‏ ومثله في النهر عن السراج قبيل فصل القطع، فقوله وإن لم يتخلل ذلك قطع يقتضي أنه لو أخرج بعض النصاب إلى خارج الدار ثم عاد قبل اطلاع المالك وإصلاحه النقب أو إغلاقه الباب أنه يقطع، وهو خلاف ما أطلقه هو وغيره من عدم القطع كما علمت؛ لأنه لم يصدق عليه أنه في كل مرة أخرج نصابا من حرز بل بعض نصاب، نعم اطلاع المالك له اعتبار في مسألة أخرى ذكرها في الجوهرة أيضا، وهي لو نقب البيت ثم خرج ولم يأخذ شيئا إلا في الليلة الثانية، إن كان ظاهرا وعلم به رب المنزل ولم يسده لم يقطع وإلا قطع‏.‏ ا هـ‏.‏ ووجهه ظاهر، وهو أنه لو علم به ولم يسده لم يبق حرزا وإلا بقي حرزا، إذ لو لم يبق حرزا لزم أن لا تتحقق سرقته بعد هتك الحرز ‏(‏قوله اتحد مالكه أم تعدد‏)‏ فلو سرق واحد من جماعة قطع، ولو سرق اثنان نصابا من واحد فلا قطع عليهما فالعبرة للنصاب في حق السارق لا المسروق منه بشرط أن يكون الحرز واحدا، فلو سرق نصابا من منزلين فلا قطع والبيوت من دار واحدة بمنزلة بيت واحد، حتى لو سرق من عشرة أنفس في دار كل واحد في بيت على حدة من كل واحد منهم درهما قطع، بخلاف ما إذا كانت الدار عظيمة فيها حجر كما في البدائع بحر، وستأتي مسألة الحجر ‏(‏قوله لا شبهة ولا تأويل فيه‏)‏ أخرج بالأول السرقة من دار أبيه ونحوه وبالثاني سرقة مصحف لتأويل أخذه للقراءة أفاده ط ‏(‏قوله وثبت ذلك إلخ‏)‏ لا يصح كون ذلك جزءا من التعريف بل هو شرط للقطع كما أفاده بقوله فيقطع إن أقر مرة أو شهد رجلان إلخ تأمل ‏(‏قوله وإليه رجع الثاني‏)‏ أي أبو يوسف، وكان أولا يقول لا يقطع إلا إذا أقر مرتين في مجلسين مختلفين كما في الزيلعي ‏(‏قوله ومن المتأخرين من أفتى بصحته‏)‏ مقتضى صنيعه أن ذلك صحيح في حق القطع، ولا يخفى ما فيه؛ لأن القطع حد يسقط بالشبهة والإنكار أعظم شبهة مع أنه سيأتي أنه لا قطع بنكول عن اليمين، وأنه لو أقر ثم هرب لا يتبع، فيتعين حمل ما ذكره على صحته في حق الضمان ‏(‏قوله أو شهد رجلان‏)‏ فلا يقبل رجل وامرأتان للقطع بل للمال، وكذا الشهادة على الشهادة كما في كافي الحاكم ‏(‏قوله ولو عبدا‏)‏ تعميم للضمير في عليه المقدر بعد قوله أو شهد رجلان وسيأتي الكلام على سرقة العبد في الباب الآتي ‏(‏قوله وسألهما الإمام كيف هي‏)‏ ليعلم أنه أخرج من الحرز أو ناول من هو خارج وأين هي ليعلم أنها ليست في دار الحرب‏؟‏ وكم هي ليعلم أنها نصاب أم لا‏؟‏ ‏(‏قوله زاد في الدرر‏)‏ نقله في البحر أيضا عن الهداية وقال‏:‏ السؤال عن الماهية لإطلاقها على استراق السمع والنقص من أركان الصلاة، وعن الزمان لاحتمال التقادم‏.‏ زاد في الكافي أنه يسألهما عن المسروق، إذ سرقة كل مال لا توجب القطع ‏(‏قوله وممن سرق‏)‏ ليعلم أنه ذو رحم محرم منه أم لا ‏(‏قوله وبيناها‏)‏ أي المذكورات، وهو عطف على قوله وسألهما ‏(‏قوله احتيالا‏)‏ علة للسؤال ‏(‏قوله ويحبسه حتى يسأل عن الشهود‏)‏ أي عن عدالتهم‏.‏ قال في الشرنبلالية يشير إلى ما قاله الكمال إن القاضي لو عرف الشهود بالعدالة له قطعه ا هـ‏.‏ ولعله على القول بأن القاضي يقضي بعلمه وهو خلاف المختار الآن ا هـ‏.‏ وهذا اشتباه، فإن قضاءه بالقطع بالبينة لا بعلمه، وعلمه بعدالة الشهود المتوقف عليها القضاء بالقطع ليس قضاء به حموي‏.‏ قلت‏:‏ على أنه مر في الباب السابق أن في حقوقه تعالى يقضي القاضي بعلمه اتفاقا، وقد صرح في البحر عن الكشف بأن وجوب القطع حق الله تعالى على الخلوص ‏(‏قوله لعدم الكفالة في الحدود‏)‏؛ لأنه إذا جاز أخذ الكفيل بالنفس لا يحبس ‏(‏قوله إلا الزمان‏)‏؛ لأن تقادم العهد لا يمنع صحة الإقرار بها نوح عن المبسوط والمحيط‏.‏ واعترضه الحموي بأنه يجوز أن تكون السرقة في صباه فلا يحد‏.‏ قلت‏:‏ لكن قال في حاوي الزاهدي‏:‏ لو ثبتت السرقة بالإقرار لا يلزم السؤال عن زمانها حتى قال في ‏[‏أسنع‏]‏ لو قال‏:‏ سرقت في زمان الصبا يقطع ولا يلتفت إلى قوله ا هـ‏.‏ ولفظ أسنع رمز لكتاب الأسرار ‏(‏قوله إلا المكان‏)‏ المناسب وإلا المكان بالعطف؛ لأنه في الفتح استثنى الزمان والمكان ‏(‏قوله تحريف‏)‏ أي لجواز أن يكون في دار الحرب، والمراد أن ذكر المكان في عبارة الفتح غير صحيح‏.‏

‏(‏قوله وكذا لو رجع أحدهم‏)‏ أي أحد السارقين المقرين ‏(‏قوله أو قال‏)‏ أي أحد السارقين ‏(‏قوله أو شهدا على إقراره‏)‏ أي إقرار السارق ‏(‏قوله فلا قطع‏)‏ أي في المسائل الثلاث، أما في الأوليين فلأنه إذا سقط عن البعض لشبهة سقط عن الباقين كما في الكافي، والرجوع ودعوى الملك شبهة‏.‏ وأما في الثالثة فلأن جحود الإقرار بمنزلة الرجوع، وهو لو أقر صريحا يصح رجوعه، فكذا لو شهدا على إقراره، والسكوت في باب الشهادة جعل إنكارا حكما كما ذكره المصنف ‏(‏قوله ونقله شارح الوهبانية إلخ‏)‏ حاصل ما نقله عن المبسوط أنه لو أقر ثم هرب لم يقطع ولو في فوره؛ لأن الهرب دليل الرجوع ولو رجع لا يقطع، فكذا إذا هرب بل يضمن المال‏:‏ وأما لو هرب بعد الشهادة ولو قبل الحكم، فإن أخذ في فوره قطع وإلا لا، فإن حد السرقة لا يقام بالبينة بعد التقادم، والعارض في الحدود بعد القضاء قبل الاستيفاء كالعارض قبل القضاء ا هـ‏.‏ وبه ظهر أن قول المصنف تبعا للظهيرية، فإن في فوره لا يقطع صوابه ولو في فوره ليعلم أنه بعد التقادم لا يقطع أيضا‏.‏ وأجيب بأنه قيد بالفورية ليصح قوله بخلاف الشهادة؛ لأنه بعد التقادم لا يخالف الإقرار الشهادة في عدم القطع‏.‏ على أنه إذا كان لا يقطع بالهرب في فور الإقرار لا يقطع بعد التقادم فيه بالأولى كما أفاده ح لكن لا يخفى ما في العبارة من الإيهام، والعبارة المحررة عبارة كافي الحاكم، وهي‏:‏ وإذا أقر بالسرقة ثم هرب لم يطلب وإن كان ذلك بشهود طلب مادام في فور ذلك

‏(‏قوله ولا قطع بنكول‏)‏ أي نكول السارق عن الحلف عند القاضي ‏(‏قوله لإقراره على نفسه‏)‏ علة للزوم المال في المسألتين؛ لأن النكول إقرار معنى، وإقرار السيد على عبد يوجب توجه المطالبة على نفسه أفاده ط ‏(‏قوله ونقل‏)‏ أي في القهستاني ومثله في الذخيرة، وهو تأييد لما قبله حيث سماه جورا شبيها بالعدل‏.‏

مطلب ترجمة عصام بن يوسف

‏(‏قوله عن عصام‏)‏ هو عصام بن يوسف من أصحاب أبي يوسف ومحمد، ومن أقران محمد بن سماعة وابن رستم وأبي حفص البخاري ‏(‏قوله أنه سئل‏)‏ أي سأله حبان بن جبلة أمير بلخ رملي ‏(‏قوله سارق ويمين‏)‏ تعجب من طلب اليمين منه فإنه لا يبالي لإقدامه على ما هو أشد جناية لكن الشرع لم يعتبر هذا ‏(‏قوله فقال‏)‏ أي عصام ‏(‏قوله ما رأيت جورا إلخ‏)‏ سماه جورا باعتبار الصورة وإلا فهو عدل حيث توصل به إلى إظهار الحق، وتقدم أن للقاضي تعزير المتهم وقدمنا بيانه ‏(‏قوله بصحة إقراره بها مكرها‏)‏ أي في حق الضمان لا في حق القطع كما قدمناه ‏(‏قوله وعن الحسن‏)‏ هو ابن زياد من أصحاب الإمام ‏(‏قوله يحل ضربه إلخ‏)‏ لم يصرح الحسن به بل هو مفهوم كلامه‏.‏

مطلب في جواز ضرب السارق حتى يقر

قال في البحر‏:‏ وسئل الحسن بن زياد‏:‏ أيحل ضرب السارق حتى يقر‏؟‏ قال‏:‏ ما لم يقطع اللحم لا يتبين العظم ولم يزد على هذا ا هـ‏.‏ كلام البحر، وهو ضرب مثل‏:‏ أي ما لو لم يعاقب لا تظهر السرقة، ففي عبارة الشارح سقط من الكاتب أو من قلمه بدليل أنه في شرحه على الملتقى ذكر عبارة الحسن على وجهها فلم يكن ما هنا تصرفا منه بسوء فهمه إذ لم نعهد هذا الشارح الفاضل وصل في البلادة إلى ما زعمه من هو مولع بالاعتراض عليه فافهم ‏(‏قوله عن ابن العز‏)‏ أي في كتابه التنبيه على مشكلات الهداية، حيث قال‏:‏ الذي عليه جمهور الفقهاء في المتهم بسرقة ونحوها أن ينظر، فإما أن يكون معروفا بالبر لم تجز مطالبته ولا عقوبته، وهل يحلف‏؟‏ قولان‏.‏ ومنهم من قال يعزر متهمه‏.‏ وإما أن يكون مجهول الحال فيحبس حتى يكشف أمره، قيل شهرا، وقيل باجتهاد ولي الأمر‏.‏ وإن كان معروفا بالفجور، فقالت طائفة يضربه الوالي أو القاضي‏.‏ وقالت طائفة يضربه الوالي دون القاضي‏.‏ ومنهم من قال لا يضربه وقد ثبت في الصحيح «أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الزبير بن العوام أن يمس بعض المعاهدين بالعذاب لما كتم إخباره بالمال الذي كان صلى الله عليه وسلم قد عاهدهم عليه، وقال له أين كنز حيي بن أخطب‏؟‏ فقال يا محمد أنفذته النفقات والحروب، فقال‏:‏ المال كثير والمسألة أقرب، وقال للزبير‏:‏ دونك هذا فمسه الزبير بشيء من العذاب فدلهم على المال» وهو الذي يسع الناس وعليه العمل إلخ، وتمامه في المنح ‏(‏قوله ثم نقل‏)‏ أي المصنف، وقوله جواز ذلك‏:‏ أي جواز ضرب المتهم حيث قال نقلا عن الزيلعي‏.‏ ومنها‏:‏ أي ومن السياسة ما حكي عن الفقيه أبي بكر الأعمش أن المدعى عليه إذا أنكر فللإمام أن يعمل فيه بأكبر رأيه، فإن غلب على ظنه أنه سارق وأن المسروق عنده عاقبه ويجوز ذلك، كما لو رآه الإمام مع الفساق في مجلس الشرب، وكما لو رآه يمشي مع السراق، وبغلبة الظن أجازوا قتل النفس، كما إذا دخل عليه رجل شاهرا سيفه وغلب على ظنه أنه يقتله‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله لغلبة الفساد‏)‏ تمام عبارة النهر‏:‏ وكيف يؤتى للسارق ليلا بالبينة بل ولا في النهار ا هـ‏.‏ يعني لا يتوقف جواز ضربه على إقامة البينة حيث كان من أهل التهمة وتقدم في التعزير أن للقاضي تعزير المتهم، وقدمنا هناك عن ابن القيم حكاية الإجماع على ذلك، وقد سمعت آنفا تصريح الزيلعي بأن هذا من السياسة، وبه يعلم أن للقاضي فعل السياسة ‏(‏قوله ويحمل ما في التجنيس‏)‏ وهو ما قدمه المصنف من أنه لا يفتى بعقوبة السارق ‏(‏قوله لو كسر سنه‏)‏ بضم أوله مبنيا للمجهول، وأصل العبارة‏:‏ لو شكا للوالي بغير حق فأتى بقائد فضرب المشكو عليه فكسر سنه أو يده إلخ ‏(‏قوله كالمال‏)‏ أي كما يضمن لو غرمه الوالي مالا‏.‏ ‏(‏قوله لا لو حصل‏)‏ أي لا يضمن الأرش لو حبسه الوالي فهرب وتسور جدار السجن فحصل ما ذكر من كسر سنه أو يده أو مات بضرب القائد ‏(‏قوله كان للورثة أخذ الشاكي بدية أبيهم‏)‏ الظاهر أنه لا ينافي ما مر عن القنية لتعليله بظهور تعديه هنا‏:‏ أي حيث ظهرت السرقة على يد آخر، بخلاف ما مر تأمل ‏(‏قوله لتعديه في هذا التسبب‏)‏ قال في الذخيرة بعد عزوه المسألة لمجموع النوازل‏:‏ قيل هذا الجواب مستقيم في حق الغرامة أصله السعاية غير مستقيم في حق الدية؛ لأنه صعد السطح باختياره، وقيل هو مستقيم في الدية أيضا؛ لأنه مكره على الصعود للفرار من حيث المعنى ا هـ‏.‏ وقوله أصله السعاية، أي أن الأصل في ذلك تضمينهم الساعي إذا كان بغير حق ‏(‏قوله وسيجيء في الغصب‏)‏ حيث قال متنا وشرحا‏:‏ لو سعى إلى سلطان بمن يؤذيه، والحال أن لا يدفع بلا رفع إلى السلطان أو سعى بمن يباشر الفسق ولا يمتنع بنهيه أو قال لسلطان قد يغرم وقد لا يغرم إنه قد وجد كنزا فغرمه السلطان شيئا لا يضمن في هذه المذكورات، ولو غرم السلطان ألبتة بمثل هذه السعاية ضمن، وكذا يضمن لو سعى بغير حق عند محمد زجرا له‏:‏ أي للساعي وبه يفتى وعزر، ولو الساعي عبدا طولب بعد عتقه، ولو مات الساعي فللمسعي به أن يأخذ قدر الخسران من تركته هو الصحيح جواهر الفتاوى‏.‏ ونقل المصنف أنه لو مات المشكو عليه بسقوطه من سطح لخوفه غرم الشاكي ديته، لا لو مات بالضرب لندوره وقد مر في باب السرقة‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت أنت خبير بأن ما ذكره في باب السرقة مخالف لما عزاه إليها‏.‏

مطلب في ضمان الساعي

ثم حاصل ما ذكره من ضمان الساعي أنه لو سعى بحق لا يضمن ولو بلا حق، فإن كان السلطان يغرم بمثل هذه السعاية ألبتة يضمن، وإن كان قد يغرم وقد لا يغرم لا يضمن والفتوى على قول محمد من ضمان الساعي بغير حق مطلقا ويعزر، بل قدمنا إباحة قتله، بل أفتى بعض مشايخ المذهب بكفره‏.‏

‏(‏قوله لم يسرقه مني‏)‏ المناسب عطفه بأو؛ لأنه مسألة ثانية‏.‏ ففي كافي الحاكم‏:‏ أو قال لم يسرقه مني وإنما كنت أودعته ‏(‏قوله فلا قطع‏)‏ أما لو قال عفوت عنه لم يبطل القطع كافي الحاكم‏:‏ أي؛ لأن القطع محض حقه تعالى فلا يملك إسقاطه، بخلاف ما قبله؛ لأنه ثبت في ضمن ثبوت حق العبد، وقد بطل بإقراره فبطل ما في ضمنه تأمل ‏(‏قوله وندب تلقينه‏)‏ المناسب ذكره عند قوله إن أقر بها‏:‏ أي ندب للإمام أن يلقنه كافي لما أخرجه أبو داود‏:‏ «أنه صلى الله عليه وسلم أتي بلص قد اعترف ولم يوجد معه متاع، فقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ما إخالك سرقت، قال بلى يا رسول الله فأعادها عليه الصلاة والسلام مرتين أو ثلاثا فأمر به فقطع» وتمامه في الفتح ‏(‏قوله في حقهما‏)‏ متعلق بلا قطع ح‏:‏ أي لا قطع في حق الكافر ولا في حق المسلم، ولعل وجهه أنها سرقة واحدة فلما بطلت الشهادة في حق المسلم بطلت في حق الكافر‏.‏ وأما الضمان فلا شك في انتفائه عن المسلم، وهل يضمن الكافر حصته منها‏؟‏ الظاهر نعم‏.‏ قلت‏:‏ وفي كافي الحاكم‏:‏ لو شهد رجلان على رجلين بسرقة وأحد السارقين غائب قطع الحاضر، فإن جاء الغائب لم يقطع حتى تعاد عليه تلك البينة أو غيرها فيقطع ا هـ‏.‏ فلينظر الفرق بين المسألتين، ولعل وجهه أن الكافر ليس أهلا للشهادة على المسلم، بخلاف شهادة المسلم على الغائب فإن المانع من قبولها الغيبة لا عدم الأهلية ‏(‏قوله تشارك جمع‏)‏ أي في دخول الحرز بقرينة قوله وإن أخذ المال بعضهم‏:‏ قال في الفتح‏:‏ وإنما وضعها في دخول الكل؛ لأنه لو دخل بعضهم لكنهم اشتركوا بعد ذلك في فعل السرقة لا يقطع إلا الداخل إن عرف بعينه، وإن لم يعرف عزروا كلهم وأبد حبسهم إلى أن تظهر توبتهم ا هـ‏.‏ وقيد بقوله وأصاب كلا نصاب؛ لأنه لو أصابه أقل لم يقطع، بل يضمن ما أصابه من ذلك جوهرة ‏(‏قوله استحسانا‏)‏ والقياس أن يقطع الحامل وحده، وهو قول زفر والأئمة الثلاثة فتح ‏(‏قوله أو محرم‏)‏ أي ذو رحم محرم من المسروق منه بحر ‏(‏قوله لم يقطع أحد‏)‏ أطلقه فشمل ما إذا تولى الأخذ الكبار العقلاء خلافا لأبي يوسف كما في الزيلعي ‏(‏قوله لا قطع‏)‏ هذا قول أبي حنيفة الأول، وقوله الأخير يقطع كما يأتي قريبا، وبه صرح في التتارخانية وغيرها ‏(‏قوله سوى رجم‏)‏ في بعض النسخ سوى جلد وهي الصواب، وإن كان الأول هو الذي في الفتح والبحر والنهر نقلا عن كافي الحاكم، فقد رده في الشرنبلالية بأنه مخالف لما قدموه في حد الزنا بالرجم من أنه إذا غاب الشهود أو ماتوا سقط الحد فيتجه استثناء الجلد فإنه يقام حال الغيبة والموت، بخلاف الرجم لاشتراط بداءة الشهود به‏.‏ وعبارة كافي الحاكم في الحدود مصرحة بذلك، وكذلك عبارته في السرقة، ونصها‏:‏ وإذا كان‏:‏ أي المسروق منه حاضرا والشاهدان غائبان لم يقطع أيضا حتى يحضروا‏.‏ وقال أبو حنيفة بعد ذلك يقطع وهو قول صاحبيه، وكذلك الموت، وكذلك هذا في كل حد وحق سوى الرجم، ويمضي القصاص وإن لم يحضروا استحسانا؛ لأنه من حقوق الناس ا هـ‏.‏ فهذا تصريح الحاكم في الحدود والسرقة بما قلنا فليتنبه له‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ والظاهر أن نسخة الكافي التي وقعت لصاحب الفتح سقط منها قوله وقال أبو حنيفة إلى قوله وكذلك الموت فوقع الخلل في اشتراط حضور الشاهدين وفي استثناء الرجم؛ لأن الاستثناء وقع من القول الأخير الذي رجع إليه الإمام فكان العمل عليه؛ لأن ما رجع عنه المجتهد بمنزلة المنسوخ، ولذا صرح في شرح الوهبانية بتصحيح قوله الأخير، فجزى الله تعالى الشرنبلالي خيرا على هذا التنبيه الحسن ‏(‏قوله تصحيح خلافه‏)‏ أي خلاف قوله لا قطع وهذا هو الصواب كما علمت

‏(‏قوله ويقطع بساج‏)‏ قال الزمخشري‏:‏ الساج خشب أسود رزين يجلب من بلاد الهند ولا تكاد الأرض تبليه والجمع سيجان مثل نار ونيران، وقال بعضهم‏:‏ الساج يشبه الأبنوس، وهو أقل سوادا منه مصباح ‏(‏قوله وقنا‏)‏ بالفتح والقصر‏:‏ هو الرمح ‏(‏قوله بفتح الباء‏)‏ كذا في البحر عن الطلبة، ومثله في الفتح والنهر‏.‏ ورأيت في المصباح ضبطه بضمها وقال إنه خشب معروف، وهو معرب، ويجلب من الهند، واسمه بالعربية سأسم بهمزة وزان جعفر ‏(‏قوله وعود‏)‏ بالضم الخشب جمعه عيدان وأعواد وآلة من المعازف قاموس‏.‏ قلت‏:‏ والمراد هنا الأول وهو الطيب؛ لأن آلة اللهو لا قطع بها كما يأتي ‏(‏قوله وأدهان‏)‏ جمع دهن كزيت وشيرج ‏(‏قوله وورس‏)‏ نبت أصفر يزرع باليمن ويصبغ به قيل هو صنف من الكركم، وقيل يشبهه مصباح ‏(‏قوله وصندل‏)‏ خشب معروف طيب الرائحة ‏(‏قوله وفصوص خضر‏)‏ قيد الخضر اتفاقي در منتقى ‏(‏قوله وزبرجد‏)‏ جوهر معروف، ويقال هو الزمرد مصباح ‏(‏قوله ولعل‏)‏ بالتخفيف‏:‏ ما يتخذ منه الحبر الأحمر غير الزنجفر والدودة، ويطلق على نوع من الزمرد ط‏.‏ وفي بعض النسخ‏:‏ لعلع وهو شجر حجازي كما في القاموس تأمل ‏(‏قوله غير مركب‏)‏ احترز به عن باب الدار المركب فإنه لا يقطع به كما يأتي، ثم إنه يشترط للقطع هنا أن يكون في الحرز، وأن يكون خفيفا لا يثقل حمله على الواحد؛ لأنه لا يرغب في سرقة الثقيل من الأبواب كما في الهداية والزيلعي، قال في الفتح‏:‏ ونظر فيه بأن ثقله لا ينافي ماليته ولا ينقصها، وإنما ثقل فيه رغبة الواحد لا الجماعة، ولو صح هذا امتنع القطع في فردة حمل من قماش ونحوه، وهو منتف ولذا أطلق الحاكم في الكافي القطع‏.‏ ا هـ‏.‏ وأجيب بأنه إنما يرد لو لم يقل الثقيل من الأبواب‏.‏ قلت‏:‏ لا يخفى أن هذا هو منشأ النظر فافهم ‏(‏قوله ولو متخذين‏)‏ أي الإناء والباب أشار به إلى أن قوله من خشب غير قيد؛ لأن المراد ما دخلته الصنعة فالتحق بالأموال النفيسة، بخلاف الأواني المتخذة من الحشيش والقصب فلا قطع بها؛ لأن الصنعة لم تغلب فيها حتى لا تتضاعف قيمتها ولا تحرز، حتى لو غلبت كأواني اللبن والماء من الحشيش في بلاد السودان يقطع بها لما ذكرنا، وكذا الحصر البغدادية لغلبة الصنعة على الأصل، أفاده في البحر ومثله في الزيلعي ‏(‏قوله ولا يوجد في دار العدل إلخ‏)‏ الأولى التعبير بدار الإسلام‏.‏ قال في الفتح‏:‏ فأما كونها توجد في دار الحرب فليس شبهة في سقوط القطع؛ لأن سائر الأموال حتى الدنانير والدراهم مباحة في دار الحرب ومع هذا يقطع فيها في دارنا ا هـ‏.‏

‏(‏قوله لا يقطع بتافه إلخ‏)‏ أي إذا سرق من حرز لا شبهة فيه بعد أن أخذ وأحرز وصار مملوكا فتح ‏(‏قوله يوجد مباحا في دارنا‏)‏ أي يوجد جنسه مباحا في الأصل بصورته الأصلية، بأن لم يحدث فيه صنعة متقومة غير مرغوب فيه، فخرج بصورته الأبواب والأواني من الخشب، وبغير مرغوب فيه نحو المعادن من الذهب والصفر واليواقيت واللؤلؤ ونحوها من الأحجار فيقطع لكونها مرغوبا فيها‏.‏ وعلى هذا نظر بعضهم في الزرنيخ‏:‏ بأنه ينبغي القطع به لإحرازه في دكاكين العطارين كسائر الأموال، بخلاف الخشب؛ لأنه إنما يدخل الدور للعمارة فكان إحرازه ناقصا، بخلاف الساج والأبنوس‏.‏ واختلف في الوسمة والحناء والوجه القطع لإحرازه عادة في الدكاكين، كذا في الفتح، ومفاده اعتبار العادة في الإحراز ‏(‏قوله لا يحرز عادة‏)‏ احتراز عن الساج والأبنوس‏.‏ قلت‏:‏ وقد جرت العادة إحراز بعض الخشب كالمخروط والمنشور دفوفا وعواميد ونحو ذلك، فينبغي القطع به كما يفيده ما مر تأمل ‏(‏قوله ولو مليحا‏)‏ بتشديد اللام، ودخل فيه الطري بالأولى ‏(‏قوله وطير‏)‏؛ لأن الطير يطير فيقل إحرازه فتح ‏(‏قوله وصيد‏)‏ هو الحيوان الممتنع المتوحش بأصل خلقته إما بقوائمه أو بجناحيه، فالسمك ليس منه ابن كمال ‏(‏قوله وزرنيخ‏)‏ بالكسر فارسي معرب مصباح ‏(‏قوله ومغرة‏)‏ بفتح الميم وسكون الغين المعجمة وتحرك‏:‏ الطين الأحمر، وظاهر كلام الصحاح والقاموس أن التسكين هو الأصل والتحريك خلافه، وظاهر المصباح العكس نوح ‏(‏قوله ونورة‏)‏ بضم النون حجر الكلس، ثم غلب على أخلاط تضاف إلى الكلس من زرنيخ وغيره، ويستعمل لإزالة الشعر مصباح، وكذا ضبطها بالضم في القاموس ‏(‏قوله وخزف وزجاج‏)‏ الخزف‏:‏ كل ما عمل من طين وشوي بالنار حتى يكون فخارا قاموس، قال في الفتح‏:‏ ولا يقطع في الآجر والفخار؛ لأن الصنعة لا تغلب فيها على قيمتها‏.‏ وظاهر الرواية في الزجاج أنه لا يقطع؛ لأنه يسرع إليه الكسر فكان ناقص المالية‏.‏ وعن أبي حنيفة‏:‏ يقطع كالخشب إذا صنع منه الأواني‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الزيلعي‏:‏ ولا قطع في الزجاج؛ لأن المكسور منه تافه والمصنوع منه يتسارع إليه الفساد‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وظاهره أنه لا يقطع في الزجاج وإن غلبت عليه الصنعة، وهل يقال مثله في الصيني والبلور مع أنه قد يبلغ بالصنعة نصبا كثيرة، ومفهوم علة الفخار أنه يقطع به تأمل ‏(‏قوله وكل مهيأ لأكل‏)‏ أما غير المهيأ مما لا يتسارع إليه الفساد كالحنطة والسكر فإنه يقطع فيه إجماعا كما في الفتح ‏(‏قوله مطلقا‏)‏ ولو غير مهيأ؛ لأنه عن ضرورة ظاهرا وهي تبيح التناول فتح ‏(‏قوله وفاكهة رطبة‏)‏ كالعنب والسفرجل والتفاح والرمان وأشباه ذلك ولو كانت محروزة في حظيرة عليها باب مقفل‏.‏ وأما الفواكه اليابسة كالجوز واللوز فإنه يقطع فيها إذا كانت محرزة جوهرة ‏(‏قوله وثمر على شجر‏)‏؛ لأنه لا إحراز فيما على الشجر ولو كان الشجر في حرز، لما في كافي الحاكم، وإن سرق التمر من رءوس النخل في حائط محرز أو حنطة في سنبلها لم تحصد لم يقطع، فإن أحرز التمر في حظيرة عليها باب أو حصدت الحنطة وجعلت في حظيرة فسرق منها قطع، وكذلك إن كانت في صحراء وصاحبها يحفظها ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وأشربة مطربة‏)‏ أي مسكرة‏.‏ والطرب‏:‏ استخفاف العقل من شدة حزن وجزع حتى يصدر عنه ما لا يليق كما تراه من صياح الثكالى وضرب خدودهن وشق جيوبهن، أو شدة سرور توجب ما هو معهود من الثمالى‏.‏ ثم الشراب إن كان حلوا فهو مما يتسارع إليه الفساد، أو مرا فإن كان خمرا فلا قيمة لها أو غيره ففي تقويمه خلاف ولتأول السارق فيه الإراقة، فتثبت شبهة الإباحة، وتمامه في الفتح، وشمل ما إذا كان السارق مسلما أو ذميا كما في البحر‏.‏ ‏(‏قوله ولو الإناء ذهبا‏)‏ أي على المذهب؛ لأن الإناء تابع ولم يقطع في المتبوع فكذا في التبع وفي رواية عن أبي يوسف أنه يقطع، وهو قول الأئمة الثلاثة ورجحه في الفتح فيما تعاين ذهبيته بأن الظاهر أن كلا مقصود بالأخذ بل أخذ الإناء أظهر‏:‏ واستشهد بما في التجنيس‏:‏ سرق كوزا فيه عسل وقيمة الكوز تسعة وقيمة العسل درهم يقطع، وهو نظير ما تقدم فيمن سرق ثوبا لا يساوي عشرة مصرور عليه عشرة يقطع إذا علم أن عليه مالا، بخلاف ما إذا لم يعلم ا هـ‏.‏ ملخصا، وأقره في البحر ‏(‏قوله وآلات لهو‏)‏ أي بلا خلاف لعدم تقومها عندهما حتى لا يضمن متلفها‏.‏ وعنده وإن ضمنها لغير اللهو إلا أن يتأول آخذها للنهي عن المنكر فتح ‏(‏قوله وصليب‏)‏ هو بهيئة خطين متقاطعين، ويقال لكل جسم صليب فتح‏.‏ ‏(‏قوله وشطرنج‏)‏ بكسر الشين فتح، قيل هو عربي، وقيل معرب، وهو داخل في آلات اللهو، وكذا النرد بفتح النون ‏(‏قوله لتأويل الكسر إلخ‏)‏ علة للثلاثة‏.‏ وعن أبي يوسف‏:‏ يقطع بالصليب لو في يد رجل في حرز لا شبهة فيه، لا لو في مصلاهم لعدم الحرز وجوابه ما قلنا من تأويل الإباحة فتح‏.‏ قلت‏:‏ لكن هذا التأويل لا يظهر فيما لو كان السارق ذميا‏.‏ ثم رأيت في الذخيرة ذكرها هذا التفصيل عن أبي يوسف في الذمي، ووجهه ظاهر؛ لأن مصلاهم بمنزلة المسجد‏:‏ فلذا لم يقطع، بخلاف الحرز فيقطع؛ لأنه لا تأويل له، إلا أن يقال تأويل غيره يكفي في وجود الشبهة فلا يقطع تأمل‏.‏ وفي النهر‏:‏ ولو سرق دراهم عليها تمثال قطع؛ لأنه إنما أعد للتمول فلا يثبت فيه تأويل

‏(‏قوله؛ لأنه حرز لا محرز‏)‏ أفاد أن الكلام في الباب الخارج فلو داخل الدار فهو محرز فيقطع به أفاده ط‏.‏ قلت‏:‏ وهذا إذ لم يكن ثقيلا على ما مر عن الهداية في غير المركب‏.‏ وظاهره أن باب المسجد حرز وليس كذلك، فالأولى تعليل الهداية بقوله‏:‏ ولا يقطع في أبواب المسجد لعدم الإحراز، فصار كباب الدار بل أولى؛ لأنه يحرز بباب الدار ما فيها، ولا يحرز بباب المسجد ما فيه حتى لا يجب القطع بسرقة متاعه‏.‏ ا هـ‏.‏ زاد في البحر‏:‏ وكذا أستار الكعبة وإن كانت محرزة لعدم المالك‏.‏ ‏[‏تنبيه‏]‏

قال في فخر الإسلام‏:‏ لو اعتاد سرقة أبواب المسجد يجب أن يعزر ويبالغ فيه ويحبس حتى يتوب قال في البحر‏:‏ وينبغي أن يكون كذلك سارق البزابيز من الميض ا هـ‏.‏ قال ط‏:‏ وكذا سارق نعال المصلين‏.‏ ا هـ‏.‏ قال‏:‏ بل كل سارق انتفى عنه القطع لشبهة ونحوها تأمل ‏(‏قوله ومصحف‏)‏ مثلث الميم قاموس والضم أشهر مصباح؛ لأن الآخذ يتأول في أخذه القراءة والنظر فيه ولأنه لا مالية له على اعتبار المكتوب وإحرازه لأجله لا للجلد والأوراق هداية، والإطلاق يشمل الكافر وغير القارئ ‏(‏قوله ولو محليين‏)‏ قال نوح أفندي في حاشية الدرر‏:‏ هذا اللفظ في أكثر النسخ بالياءين، ولكن الصواب أن يكون بياء واحدة كما يظهر من الصرف ا هـ‏.‏ ومثله في شرح درر البحار ‏(‏قوله؛ لأن الحلية تبع‏)‏ وعن أبي يوسف‏:‏ يقطع في المصحف المحلى‏.‏ وعنه أنه يقطع إذا بلغت الحلية نصابا كما قال في حلية الصبي‏.‏ قال في الفتح‏:‏ والخلاف في صبي لا يمشي ولا يتكلم، فلو كان يمشي ويتكلم ويميز لا قطع إجماعا؛ لأنه في يد نفسه وكان أخذه خداعا ولا قطع في الخداع ‏(‏قوله يعبر عن نفسه‏)‏ فالمراد بالكبير المميز المعبر عن نفسه بالغا كان أو صبيا بحر ‏(‏قوله؛ لأنه إما غصب‏)‏ أي إن أخذه بالقهر أو خداع أي إن أخذه بالحيلة وكلاهما غير سرقة ‏(‏قوله ودفاتر‏)‏ جمع دفتر بالفتح وقد يكسر‏:‏ جماعة الصحف المضمومة قاموس ‏(‏قوله فكمصحف‏)‏ أي في تأويل أخذها للقراءة، وكون المقصود ما فيها ولا مالية له ‏(‏قوله وإلا فكطنبور‏)‏ أي في تأويل أخذها لإزالة ما فيها نهيا عن المنكر‏:‏ والحاصل‏:‏ أنه لا يقطع بكتب علوم شرعية أو غيرها قال القهستاني، فيشمل‏:‏ أي الدفتر المصحف وكتب العلوم الشرعية والآداب ودواوين فيها حكمة دون ما فيها أشعار مكروهة وكتب العلوم الحكمية فإنهما داخلان في آلات لهو كما أشار إليه في الزاد وغيره‏.‏ ا هـ‏.‏ ثم نقل قولا آخر بالقطع بكتب الأدب والشعر، لكن قال في الفتح والبحر‏:‏ شمل مثل كتب السحر ومثل كتب العربية واختلف في غيرها‏:‏ أي غير كتب الشريعة من العربية والشعر، فقيل ملحقة بدفاتر الحساب فيقطع فيها‏.‏ وقيل بكتب الشريعة؛ لأن معرفتها قد تتوقف على اللغة والشعر، والحاجة وإن قلت كفت في إيراث الشبهة ا هـ‏.‏ فتعليل القول الثاني يفيد ترجيحه‏.‏ ثم قال‏:‏ ومقتضى هذا أنه لا يختلف في القطع بكتب السحر والفلسفة؛ لأنه لا يقصد ما فيها لأهل الديانة فكانت سرقة صرفا‏.‏ ا هـ‏.‏ زاد في النهر‏:‏ وينبغي أن ينظر في الآخذ لكتب السحر والفلسفة، فإن كان مولعا بذلك لا يقطع للقطع بأن المقصود ما فيها‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لكن كلام الفتح يخالفه؛ لأنه جعل كون أهل الديانة لا يقصدونها علة لكونها سرقة صرفا، ومعلوم أن السارق لا يلزم أن يكون من الذين لا يقصدونها بل الغالب أن يكون غيرهم من أهل الشر كالسحرة ونحوهم فعلم أن الشبهة المسقطة للقطع لا يلزم وجودها في السارق، وإلا كانت علة حقيقة لا شبهة العلة؛ لأن الشبهة ما يشبه الثابت وهو ليس بثابت وإلا لزم ثبوت التفصيل المذكور في كتب الشريعة أيضا، وكذا في آلات اللهو والطعام في سنة القحط، ولم نر من عرج عليه، نعم قدمنا عن الذخيرة في الصليب ما يفيده عند أبي يوسف فليتأمل ‏(‏قوله بخلاف العبد الصغير‏)‏؛ لأنه مال منتفع به إن كان يمشي ويعقل أو بعرضية أن يصير كذلك إن كان خلافه، وتمامه في النهر ‏(‏قوله الماضي حسابها‏)‏ أي الذي لم يبق لأحد فيه علقة فلم يبق إلا كاغد، فإذا بلغت قيمته نصابا قطع كذا في تصحيح العلامة قاسم

‏(‏قوله وكلب وفهد‏)‏ عطف على ما لا قطع فيه بقرينة تنكيره، ولو قال وبكلب وفهد كما صنع في الوافي لكان أحسن حموي، وشمل كلب الصيد والماشية؛ لأنه يوجد من جنسه مباح الأصل، ولا اختلاف للعلماء في ماليته فأورث شبهة بحر ط ‏(‏قوله في وديعة‏)‏ أي تحت يده ‏(‏قوله أي أخذ قهرا‏)‏ أي على وجه العلانية ‏(‏قوله أي اختطاف‏)‏ أي علانية أيضا فالنهب والاختلاس، أخذ الشيء علانية، إلا أن الفرق بينهما من جهة سرعة الأخذ في جانب الاختلاس، بخلاف النهب فإن ذلك غير معتبر فيه ط عن أبي السعود ‏(‏قوله لانتفاء الركن‏)‏ وهو الحرز في الخيانة والأخذ خفية فيما بعدها ط ‏(‏قوله ونبش‏)‏ أي لا قطع على النباش‏:‏ وهو الذي يسرق أكفان الموتى بعد الدفن بحر؛ لأن الحرز بالقبر أو الميت باطل؛ لأنه لا يحفظ نفسه، والصحراء ليست حرزا، حتى لو دفن بها مال فسرق لم يقطع‏.‏ فما في القنية من أنه لو سرق المدفون بالمفازة قطع ضعيف مقدسي ‏(‏قوله في الأصح‏)‏ لاختلال الحرز بحفر القبر، وقيل يقطع إذا كان مقفلا قهستاني ‏(‏قوله ولو اعتاده‏)‏ أي اعتاد النبش‏.‏ وفيه إشارة إلى الجواب عما استدل به أبو يوسف والأئمة الثلاثة من حديث‏:‏ «من نبش قطعناه» بحمله على السياسة وتمام تحقيقه في الفتح ‏(‏قوله ومال عامة‏)‏ وهو مال بيت المال فإنه مال المسلمين وهو منهم، وإذا احتاج ثبت له الحق فيه بقدر حاجته فأورث شبهة والحدود تدرأ بها بحر ‏(‏قوله ومشترك‏)‏ أي بين السارق وبين ذي اليد ‏(‏قوله وحصر مسجد إلخ‏)‏ أي وإن كانت محرزة كما في البحر ‏(‏قوله ومال وقف‏)‏ ذكره في البحر بحثا فقال‏:‏ وأما مال الوقف فلم أر من صرح به، ولا يخفى أنه لا يقطع به، وقد عللوا عدم القطع فيما لو سرق حصر المسجد ونحوها من حرز بعدم المالك، وتبعه في النهر‏.‏ وقال‏:‏ ولو قيل إن كان الوقف على العامة فماله كبيت المال، وإن كان على قوم محصورين فلعدم المالك حقيقة لكان حسنا‏.‏ ا هـ‏.‏ ولا يخفى جريان العلة الثانية فيهما، لكن رده المقدسي والرملي بأنهم صرحوا بأنه يقطع بطلب متولي الوقف وسيأتي التصريح به في الباب الآتي، وصرح به أيضا ابن مالك في شرح المنار في بحث الخاص‏.‏ قلت‏:‏ ولذا والله أعلم علل في الفتح لعدم القطع في حصر المسجد بعدم الحرز‏:‏ أي لكون المسجد غير حرز ومفاده أنه يقطع لو سرقها من حرز‏.‏ والظاهر أن وجهه كون الوقف يبقى على ملك الواقف حكما عند الإمام، وهذا في أصل الوقف‏.‏ وأما الغلة فقد صرحوا بأنها ملك المستحقين، لكن ينبغي أن يقال إن كان السارق له حق في الغلة لا يقطع بسرقته منها سواء كان وقفا على العامة أو على قوم محصورين لثبوت الشركة، وكذا وقف المسجد إذا كان للسارق وظيفة فيه، بخلاف سرقته لحصره وقناديله إذ حقه في الغلة لا في الحصر تأمل‏.‏‏:‏

مطلب في أخذ الدائن من مال مديونه من خلاف جنسه

‏(‏قوله ومثل دينه‏)‏ أي مثله جنسا لا قدرا ولا صفة كما أفاده ما بعده ‏(‏قوله ولو دينه مؤجلا‏)‏؛ لأنه استيفاء لحقه والحال والمؤجل سواء في عدم القطع استحسانا؛ لأن التأجيل لتأخير المطالبة والحق ثابت فيصير شبهة دارئة وإن لم يلزمه الإعطاء الآن‏.‏ ولا فرق بين كون المديون المسروق منه مماطلا أو لا خلافا للشافعي، وتمامه في الفتح ‏(‏قوله أو زائدا عليه أو أجود‏)‏ أنت خبير بأن الضمير في زائدا وأجود عائد على الدين، وفي عليه على المسروق، فالمناسب للتعميم أن يقال أو أنقص منه أو أردأ فيعلم حكم الزائد والأجود بالأولى‏.‏ والحاصل أنه لو سرق أكثر من دينه لا يقطع؛ لأنه يصير شريكا في ذلك المال بمقدار حقه كما في الفتح، وعلى قياسه يقال فيما لو سرق الأجود تأمل ‏(‏قوله؛ لأن النقدين جنس واحد حكما‏)‏ ولهذا كان للقاضي أن يقضي بها دينه من غير رضا المطلوب بحر‏.‏ قلت‏:‏ وهذا موافق لما صرحوا به في الحجر‏.‏ ومفاده أنه ليس للدائن أخذ الدراهم بدل الدنانير بلا إذن المديون ولا فعل حاكم، وقد صرح في شرح تلخيص الجامع في باب اليمين في المساومة بأن له الأخذ وكذا في حظر المجتبى، ولعله محمول على ما إذا لم يمكنه الرفع للحاكم، فإذا ظفر بمال مديونه له الأخذ ديانة بل له الأخذ من خلاف الجنس على ما نذكره قريبا ‏(‏قوله ومنه الحلي‏)‏ أي بسبب ما فيه من الصياغة التحق بالعرض ‏(‏قوله ما لم يقل إلخ‏)‏؛ لأنه لا يكون رهنا أو قضاء لدينه إلا بإذن مالكه فكأنه ادعى أخذه بإذنه فلا يقطع‏.‏ وفي الفتح‏:‏ وعن أبي يوسف لا يقطع بالعروض؛ لأن له الأخذ عند بعض العلماء‏.‏ قلنا‏:‏ هذا قول لا يستند إلى دليل ظاهر فلا يصير شبهة دارئة إلا إن ادعى الرهن أو القضاء‏.‏

مطلب يعذر بالعمل بمذهب الغير عند الضرورة

‏(‏قوله وأطلق الشافعي أخذ خلاف الجنس‏)‏ أي من النقود أو العروض؛ لأن النقود يجوز أخذها عندنا على ما قررناه آنفا‏.‏ قال القهستاني‏:‏ وفيه إيماء إلى أن له أن يأخذ من خلاف جنسه عند المجانسة في المالية، وهذا أوسع فيجوز الأخذ به وإن لم يكن مذهبنا، فإن الإنسان يعذر في العمل به عند الضرورة كما في الزاهدي‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وهذا ما قالوا إنه لا مستند له، لكن رأيت في شرح نظم الكنز للمقدسي من كتاب الحجر‏.‏ قال‏:‏ ونقل جد والدي لأمه الجمال الأشقر في شرحه للقدوري أن عدم جواز الأخذ من خلاف الجنس كان في زمانهم لمطاوعتهم في الحقوق‏.‏ والفتوى اليوم على جواز الأخذ عند القدرة من أي مال كان لا سيما في ديارنا لمداومتهم للعقوق‏:‏ عفاء على هذا الزمان فإنه زمان عقوق لا زمان حقوق وكل رفيق فيه غير مرافق وكل صديق فيه غير صدوق‏.‏

‏(‏قوله بخلاف سرقته من غريم أبيه‏)‏ سقط من بعض النسخ لفظ غريم وهو خطأ ‏(‏قوله لا‏)‏ أي لا يقطع؛ لأن له ولاية أخذ دين ابنه الصغير‏.‏ بقي لو لم يكن له ولاية لسوء اختياره أو لكونه رقيقا‏.‏ واستظهر ط أنه كذلك ويظهر لي خلافه تأمل ‏(‏قوله كسرقة شيء إلخ‏)‏ أي إذا سرق شيئا فقطع فيه فرده إلى مالكه ثم سرقه ثانيا ولم يتغير المسروق عن الحالة الأولى لا يقطع والقياس أنه يقطع، وهو رواية عن أبي يوسف وقول الأئمة الثلاثة وبيانه في الفتح ‏(‏قوله أما لو تبدل العين‏)‏ كما لو كان غزلا فسرقه فقطع فيه فرده ثم نسج فسرقه فإنه يقطع وعلى هذا الصوف والقطن والكتان‏.‏ وكل عين أحدث المالك فيه صنعا بعد القطع لو أحدثه الغاصب ينقطع به حق المالك بحر ‏(‏قوله كالبيع‏)‏ أي لو باعه المالك من السارق ثم اشتراه منه فسرقه يقطع ثانيا عند مشايخ بخارى وقال مشايخ العراق‏:‏ لا يقطع وظاهر الفتح اعتماد الثاني، وذكر في النهر ما يؤيد الأول ‏(‏قوله على ما في المجتبى‏)‏ أشار به إلى ما ذكرنا من الخلاف، وهذا القول ذكره في المجتبى جازما به بلا حكاية خلاف كما ذكره المصنف في شرحه ‏(‏قوله أو من ذي رحم محرم‏)‏ ترجم في الهداية والكنز لهذه المسائل بقوله‏:‏ فصل في الحرز، وهو كما في النهر لغة‏:‏ الموضع الذي يحرز فيه شيء‏.‏ وشرعا ما يحفظ فيه المال عادة كالدار وإن لم يكن لها باب أو كان وهو مفتوح؛ لأن البناء لقصد الإحراز وكالحانوت والخيمة والشخص ا هـ‏.‏ ومثله في الفتح؛ لكن قوله وإن لم يكن لها باب إلخ فيه كلام نذكره عند مسألة الفشاش ‏(‏قوله فسقط كلام الزيلعي‏)‏ حيث قال وقوله لا برضاع لا حاجة إلى إخراجه؛ لأنه لم يدخل في ذي الرحم المحرم‏.‏ ورده في البحر بأن هذا ظن منه أنه متعلق بالرحم، وليس كذلك بل متعلق بالمحرم ا هـ‏.‏ ح‏.‏ قلت‏:‏ لا يظن بالزيلعي أنه ظن ذلك؛ لأن الرحم وهو القرابة النسبية لا تكون بالرضاع أصلا حتى يظن أن قوله لا برضاع تقييد له بل مبنى كلامه على أن المراد بالمحرم ما تكون محرميته من النسب كما هو المتبادر، وكما عبر به في الهداية حيث قال ذي رحم محرم منه، فقوله منه‏:‏ أي من الرحم تصريح بالمراد، وعليه فلا يدخل فيه ابن العم الذي هو أخ رضاعا؛ لأنه محرم من الرضاع لا من الرحم‏.‏ ثم رأيت عبارة الكنز التي شرح عليها الزيلعي بلفظ منه كعبارة الهداية، فتعين ما قلنا، وسقط ما سواه فافهم ‏(‏قوله بخلاف ماله إذا سرق من بيت غيره‏)‏ أي إذا سرق مال رحمه المحرم من بيت أجنبي فإنه يقطع لوجود الحرز‏.‏ وفي الفتح‏:‏ ينبغي أن لا يقطع لما في القطع من القطيعة‏.‏ وأجاب في البحر بأن القطع حق الشرع لا حقه فلا يكون قطيعة‏.‏ واعترضه في النهر بأنه مشترك الإلزام، بأنه لو سرق من بيت رحمه المحرم يقطع ولا يلزم القطيعة لما ذكر‏.‏ قلت‏:‏ أنت خبير بأنه لا يصح القول بالقطع فيه لقيام المانع وهو عدم الحرز، بخلاف بيت الأجنبي ونعم ينبغي تقييده بغير قرابة الولاد، فلا يقطع في الولاد للشبهة في ماله على ما مر كما في التبيين والبحر والنهر ‏(‏قوله اعتبارا للحرز وعدمه‏)‏ أي قطع في المسألة الأخيرة اعتبارا للحرز ولم يقطع فيما قبلها اعتبارا لعدمه، ففيه لف ونشر مشوش‏.‏ وعن هذا قال البرجندي‏:‏ الظاهر أنه لا دخل للقرابة، بل المعتبر الحرز؛ ففي كل موضع كان له أن يدخل فيه بلا مانع ولا حشمة لا يقطع سواء كان بينهما قرابة أو لا‏.‏ قال الحموي‏:‏ وفيه نظر، فإن الصديقين يدخل أحدهما بيت الآخر بلا مانع ولا حشمة مع أنه يقطع، فظهر أن للقرابة المحرمية مدخلا‏.‏ واعترضه الشيخ أبو السعود بأن هذا فيما لم يؤذن له بدخوله، حتى لو سرق من محل جرت عادته بدخوله لم يقطع‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لكن المنقول في الهداية وغيرها قطع الصديق؛ لأنه عاداه في السرقة، ولم يفصلوا بين جريان عادة في الدخول أو عدمه، ويأتي له مزيد بيان عقيبه ‏(‏قوله ابن كمال‏)‏ حيث قال‏:‏ المرضع التي شأنها الإرضاع، والمرضعة هي التي في حال الرضاع ملقمة ثديها للصبي كذا في الكشاف، فمن قال هنا مرضعة لم يصب‏.‏ ا هـ‏.‏؛ لأنه لا يمكن أن يسرق منها في حال إرضاعها له ‏(‏قوله لما مر‏)‏ أي من اعتبار الحرز‏.‏ وعن أبي يوسف لا يقطع لدخوله عليها بلا استئذان وحشمة، بخلاف الأخت رضاعا لانعدام هذا المعنى فيها عادة‏.‏ وجه الظاهر أنه لا قرابة بينهما والمحرمية بدون القرابة لا تحترم فتح، قلت‏:‏ وإذا كان يقطع في السرقة من أمه رضاعا مع الدخول بلا استئذان وحشمة فكذا في الصديق‏.‏ وبه ظهر أن للقرابة المحرمية دخلا؛ وكذا قولهم؛ لأنه عاداه في السرقة يفيد الفرق وهو زوال الصداقة، بخلاف القرابة تأمل، والله تعالى أعلم‏.‏

‏(‏قوله ولا بسرقة من زوجته‏)‏ أي ولو من وجه كالمبتوتة المعتدة في منزل على حدة، ولو سرق بعد انقضاء العدة قطع كافي الحاكم ‏(‏قوله وإن تزوجها بعد القضاء‏)‏ بالقطع لوجود الشبهة قبل الإمضاء‏.‏ وأفاد أنه لا فرق بين كونه زوجها وقت السرقة أو بعدها قبل القضاء بالقطع أو بعده، وفي الأخير خلاف أبي يوسف، ولو سرق أحدهما من الآخر فطلقها قبل الدخول لم يقطع أيضا كما في النهر ‏(‏قوله من حرز خاص له‏)‏ يعني بأن كان خارج مسكنهما صرح به في الهداية والبحر شرنبلالية فالضمير في له عائد على المسروق لا على السارق فافهم ‏(‏قوله أو عرسه‏)‏ أي زوجة سيده وشريكه مثلا‏.‏ قال في البحر‏:‏ والعبد في هذا ملحق، بمولاه حتى لا يقطع في سرقة لا يقطع فيها المولى كالسرقة من أقارب المولى وغيرهم؛ لأنه مأذون بالدخول عادة في بيت هؤلاء لإقامة المصالح ‏(‏قوله ولا من مكاتبه‏)‏؛ لأن له حقا في أكسابه نهر ‏(‏قوله وختنه وصهره‏)‏ ختنه‏:‏ زوج كل ذي رحم محرم منه وصهره‏:‏ كل ذي رحم محرم من امرأته، وهذا عند الإمام‏.‏ وقالا‏:‏ يقطع لعدم الشبهة في ملك البعض؛ لأنها تكون بالقرابة وهي منتفية‏.‏ وله أن العادة جارية في دخول بعضهم منازل البعض بلا استئذان فتمكنت الشبهة في الحرز، وتأخير الزيلعي لدليله مؤذن بترجيحه نهر‏.‏ وفي كافي الحاكم‏:‏ ولا يقطع السارق من امرأة أبيه وزوج ابنته وابن امرأته وأبويها استحسانا ‏(‏قوله ومغنم إلخ‏)‏ علله في الهداية بقوله؛ لأن له فيه نصيبا، وذكر أن ذلك مأثور عن علي رضي الله عنه حكما وتعليلا، هو أنه أتي برجل سرق من المغنم فقال له فيه نصيب وهو خائن فلم يقطعه وكان قد سرق مغفرا، رواه عبد الرزاق والدارقطني، وهذا ظاهر في أن الكلام فيمن له فيه استحقاق، وبه صرح في الفتح، لكن في النهر قال في الحواشي السعدية‏:‏ وهذا التعليل يدل على أنه لو لم يكن له فيه نصيب يقطع لكن الرواية مطلقة في مختصر القدوري وشرح الطحاوي فلا بد من تعليل آخر‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي غاية البيان ينبغي أن يكون المراد من السارق من له نصيب فيه، أما من لا نصيب له فيقطع، اللهم إلا أن يقال إنه مباح الأصل وهو على صورته لم يتغير فصار شبهة‏.‏ وفي كلام المصنف يعني صاحب الكنز ما يومئ إلى اعتبار الإطلاق حيث قدم أنه لا قطع في المال المشترك، وإذا كان له حق فيه كان من المشترك فذكره هنا ليس إلا لإفادة التعميم‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ما ذكر من إطلاق الرواية قد يدعى أنه يخصصه التعليل المأثور الذي جعلوه دليل الحكم وإلا لزم إثبات حكم بلا دليل، وما ذكره في غاية البيان من أنه مباح الأصل فيه نظر؛ لأن مباح الأصل ما يكون تافها، ويوجد مباحا في دار الإسلام كالصيد والحشيش كما مر، والمغنم قد يكون من أعز الأموال‏.‏ وأيضا حكم مباح الأصل أنه لا يقطع به وإن ملك وسرق من حرز والمغنم ليس كذلك قطعا نعم قال القهستاني بعد التعليل المأثور‏:‏ ولا يخفى أن الآخذ إن كان من العسكر فالمغنم داخل في مال الشركة وإلا ففي مال العامة ا هـ‏.‏ وهذا في غاية الحسن، فإن خمس المغنم لذوي الحاجة من العامة‏.‏ ومن سرق من مال العامة لا يقطع؛ لأنه يستحق منه عند الحاجة فأورث شبهة كما عللوا به كما قدمناه عن البحر ‏(‏قوله في وقت جرت العادة بدخوله‏)‏ فيقطع لو سرق ليلا؛ لأن الإذن يختص بالنهار بحر وفيه إشارة إلى أنه لو اعتاد الناس دخوله في بعض الليل فهو كالنهار كما في المضمرات قهستاني، وإلى أن ذلك إذا كان الباب مفتوحا‏.‏ ففي الحاوي الزاهدي‏:‏ ولو سرق من حمام أو خان أو رباط أو حوانيت التجار وبابها مغلق يقطع وإن كان نهارا في الأصح‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وبيت أذن في دخوله‏)‏ فلا قطع بالسرقة منه في الوقت المأذون بالدخول فيه ط ‏(‏قوله ينبغي أن يقطع‏)‏ البحث لصاحب البحر وتبعه من بعده ط ‏(‏قوله ولا يعتبر الحرز بالحافظ إلخ‏)‏ فلو سرق شيئا من الحمام وصاحبه عنده أو المسروق تحته لا يقطع بخلاف المسجد‏.‏ والفرق أن الحمام بني للإحراز فكان حرزا كالبيت فلا يعتبر الحافظ، والمسجد لم يبن لإحراز الأموال فيعتبر الحافظ كالطريق والصحراء، وتمامه في الزيلعي‏.‏ وأفاد أن الحرز نوعان كما قدمناه عند قوله من حرز ‏(‏قوله به يفتى‏)‏ زاد في الفتح‏:‏ وهو ظاهر المذهب، ومقابله القول بأنه يقطع عنده لو سرق من الحمام في وقت الإذن إذا كان ثمة حافظ، ولا يقطع عندهما

‏(‏قوله فيقطع بسرقة لؤلؤة من إصطبل‏)‏؛ لأن الحرز كما قدمناه كل بقعة معدة للإحراز ممنوع من الدخول فيها إلا بإذنه‏.‏ ولا يخفى أن الإصطبل كذلك، وهذا بخلاف الوديعة فإنه يعتبر فيها حرز مثلها، حتى لو وضع المودع اللؤلؤة في الإصطبل يضمن كما حققناه في تنقيح الفتاوى الحامدية من الوديعة وسنذكره هناك إن شاء الله تعالى‏.‏ ‏(‏قوله والأول هو المذهب عندنا‏)‏ إن كان أعاده لأجل نسبته إلى المجتبى كان أخصر عزوه إليه عقب عبارة المتن، ولعل المراد إفادة الحصر بالجملة المعرفة الطرفين فإنه زائد على ما في المتن فافهم ‏(‏قوله لكن جزم القهستاني إلخ‏)‏ لم ينسبه القهستاني إلى أحد يعتمد عليه، وما مشى عليه المصنف قال فيه شمس الأئمة السرخسي هو المذهب عندنا كما نقله في الذخيرة وغيرها، وقد قال في الفتح إنه هو الصحيح كما ذكره الكرخي‏.‏ ثم قال‏:‏ ونقل الإسبيجابي عن بعض أصحابنا أن كل شيء يعتبر بحرز مثله‏.‏ فعلم أن ما في القهستاني قول البعض وأن المذهب المصحح خلافه، ولعل قوله إنه المذهب سبق نظر، فليس في المسألة اختلاف تصحيح فافهم ‏(‏قوله ولا يقطع قفاف‏)‏ بقاف وفاءين بينهما ألف ‏(‏قوله هو من يسرق الدراهم‏)‏ الذي في المغرب وغيره‏:‏ هو الذي يعطى الدراهم لينقدها فيسرقها بين أصابعه ولا يشعر به صاحبه ‏(‏قوله بالفاء‏)‏ أي وبشينين معجمتين بينهما ألف ‏(‏قوله لغلق الباب‏)‏ بالتحريك جمعه أغلاق كسبب وأسباب مصباح ‏(‏قوله نهارا‏)‏ لعل وجهه أن يكون مجاهرا وشرط القطع الخفية، بخلاف ما إذا كان ليلا‏.‏ قال الزيلعي‏:‏ ولو كان باب الدار مفتوحا في النهار فسرق لا يقطع؛ لأنه مكابرة لا سرقة، ولو كان في الليل بعد انقطاع انتشار الناس قطع‏.‏ ا هـ‏.‏ زاد في الذخيرة عن أبي العباس أنه سوى في الليل بين ما إذا كان الباب المفتوح مردودا أو غير مردود في أنه يقطع فيهما‏.‏ وفرق بينهما في النهار في أنه لو مردودا قطع وإلا لا‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ومسألة الفشاش مذكورة في كافي الحاكم، وهي تدل على أنه لا يقطع في النهار بلا فرق بين كونه مردودا أو لا؛ لأنه إذا لم يقطع بفتحه نهارا وهو مقفل، فإذا كان مفتوحا مردودا أو لا فهو كذلك بالأولى، فلذا أطلق الزيلعي عدم القطع كما علمت، ثم ذكر بعده مسألة الفشاش المذكورة‏.‏ وبهذا علم أن ما قدمنا عن النهر عند قوله أو من ذي رحم ليس على إطلاقه فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله قطع‏)‏ أي لظنه الخفية، وأما لو علم فلا يقطع؛ لأنه مجاهر

‏(‏قوله من السطح‏)‏ أي إذا صعد إليه أو تناوله من داخل الدار، واحترز به عما لو سرق ثوبا بسط على حائط إلى السكة بخلاف ما إذا كان إلى الدار فإنه يقطع كما في البحر ‏(‏قوله أي بحيث يراه‏)‏ أفاد أنه ليس المراد بالعندية الحضور بل الاطلاع عليه ‏(‏قوله ولو الحافظ نائما‏)‏ عبر بالحافظ؛ لأنه أعم من أن يكون هو رب المتاع أو غيره، وأطلق النائم فشمل ما إذا نام مضطجعا أو لا، وما إذا كان المتاع تحت رأسه أو تحت جنبه أو بين يديه حالة النوم هو الصحيح وقيل باشتراط كونه تحت رأسه أو جنبه فتح‏.‏ قال في النهر‏:‏ ونبه بقوله عنده إلى أنه لو كان لابسا له لم يقطع‏.‏ وقيل يقطع حكاه في المجتبى ا هـ‏.‏ وبسطه في البحر‏.‏ وفصل الزيلعي بين النائم وغيره، فيقطع في الأول؛ لأنه أخذ خفية لا في الثاني؛ لأنه اختلاس، وذلك حيث قال‏:‏ وفي المحيط لو سرق ثوبا عليه وهو رداؤه أو قلنسوة أو طرف منطقة أو سيفه أو سرق من امرأة حليا عليها لا يقطع؛ لأنها خلسة وليست بخفية سرقة، ولو سرق من رجل نائم قلادة عليه وهو لابسها أو ملاءة له وهو لابسها أو واضعها قريبا منه بحيث يكون حافظا لها قطع؛ لأنه أخذها بخفية وسرا و لها حافظ وهو النائم ا هـ‏.‏

‏(‏قوله ولو من بعض بيوت الدار‏)‏ أي لا فرق بين أن يسرق من البيت الذي أضافه فيه أو من بيت آخر فيها ‏(‏قوله لاختلال الحرز‏)‏؛ لأن الدار مع جميع بيوتها حرز واحد فبالإذن فيها اختل الحرز في جميع بيوتها بحر ‏(‏قوله لشبهة عدم الأخذ‏)‏؛ لأن الدار وما فيها في يد صاحبها فتح‏.‏ وفيه أيضا أن المحرز بالمكان لا يجب القطع فيه إلا بالإخراج لقيام يد المالك قبل الإخراج من داره فلا يتحقق الأخذ إلا بإزالة يده وذلك بالإخراج من حرزه، بخلاف المحرز بالحافظ فإنه يقطع كما أخذه لزوال يد المالك بمجرد الأخذ فتتم السرقة فيجب موجبها ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله بخلاف الغصب‏)‏ يعني أن هذا في حق القطع لسقوط الحد بالشبهة، بخلاف ضمان الغصب، يعني لو هلك ما سرقه ولم يخرجه‏.‏ قال في الفتح‏:‏ قال بعضهم‏:‏ لا ضمان عليه إذا تلف المسروق في يده قبل الإخراج من الدار ولا قطع عليه‏.‏ والصحيح أنه يضمن لوجود التلف على وجه التعدي، بخلاف القطع؛ لأن شرطه هتك الحرز ولم يوجد‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله المتسعة جدا‏)‏ أي التي فيها منازل، وفي كل منزل مكان يستغني به أهله عن الانتفاع بصحن الدار وإنما ينتفعون به انتفاع السكة وإلا فهي المسألة السابقة التي لا بد فيها من الإخراج من الدار بحر‏.‏ ونحوه في الزيلعي وفي الكافي‏:‏ يقطع إذا كانت دار واحدة عظيمة فيها مقاصير كل مقصورة مسكن على حيالها‏.‏ ا هـ‏.‏ والمقصورة‏:‏ الحجرة بلسان أهل الكوفة معراج ‏(‏قوله أو أغار‏)‏ المراد دخل مقصورة على غرة فأخذ بسرعة، يقال‏:‏ أغار الفرس والثعلب في العدو أسرع بحر ‏(‏قوله من أهل الحجر‏)‏ حال من فاعل أغار ‏(‏قوله؛ لأن كل حجرة حرز‏)‏ علة للمسألتين، إذ لكل مقصورة باب وغلق على حدة ومال كل واحد محرز بمقصورته، فكانت المنازل بمنزلة دور في محله، وإن كانت الدار صغيرة بحيث لا يستغني أهل المنازل عن الانتفاع بصحن الدار بل ينتفعون به انتفاع المنازل فهي بمنزلة مكان واحد، فلا يقطع الساكن فيها ولا المأذون له بالدخول فيها إذا سرق من بعض مقاصيرها زيلعي ‏(‏قوله في الطريق‏)‏ أي بحيث يراه؛ لأنه باق في يده فصار كأنه أخرجه معه وإلا فلا قطع عليه وإن خرج وأخذه؛ لأنه صار مستهلكا له قبل خروجه بدليل وجوب الضمان عليه، كما لو ذبح الشاة في الحرز جوهرة ‏(‏قوله ثم أخذه‏)‏ أشار إلى أنه لا يشترط للقطع الأخذ على فور الإلقاء ا هـ‏.‏ ط‏.‏ ‏(‏قوله يعتاده السراق‏)‏ إما لتعذر الخروج مع المتاع أو ليمكنه الدفع أو الفرار زيلعي ‏(‏قوله فاعتبر الكل فعلا واحدا‏)‏ أي كل من النقب والدخول والإلقاء والأخذ حيث لم يعترض عليه يد معتبرة وهذا جواب عن قول زفر إنه لا يقطع؛ لأن الإلقاء غير موجب له ‏(‏قوله ولو لم يأخذه‏)‏ أي بأن خرج وتركه، وقوله أو أخذه غيره‏:‏ أي قبل خروجه ‏(‏قوله فهو مضيع‏)‏ فعليه ضمانه ‏(‏قوله؛ لأن سيره يضاف إليه‏)‏ أما لو خرج بلا سوق ولا زجر لم يقطع؛ لأن للدابة اختيارا فما لم يفسد اختيارها بالحمل والسوق لا ينقطع نسبة الفعل إليها كما في البحر ‏(‏قوله لما مر‏)‏ أي من أن الإخراج يضاف إليه ط ‏(‏قوله قوة جريه‏)‏ في بعض النسخ بقوة جريه ‏(‏قوله؛ لأنه أخرجه‏)‏ أي؛ لأن الماء أخرجه بسبب إلقائه فيه ‏(‏قوله ويشكل على الأخير‏)‏ أي ما لو ألقاه في الماء، وأخرجه بقوة جريه والاستشكال لصاحب النهر‏.‏ قلت‏:‏ وقد يدفع بأن الطائر فعله يضاف إليه؛ لأن للدابة اختيارا كما مر‏.‏ فإذا لم يزجره بل طار بنفسه فقد عرض على فعل السارق فعل مختار فلم يضف إليه‏.‏ نظيره ما إذا خرج الحمار بنفسه بلا سوق في المسألة المارة وكذا ما يأتي في الغصب لو حل قيد عبد غيره أو رباط دابته أو فتح باب إصطبلها أو قفص طائره فذهبت لا يضمن فافهم ‏(‏قوله بعدم القطع‏)‏ هو خلاف ما صححه في المبسوط، ومشى عليه المصنف تبعا للزيلعي والفتح والنهاية‏.‏ وفي الفتح إنه قول الأئمة الثلاثة فيرجح على ما جزم به الحدادي صاحب الجوهرة ولا سيما بعد اتضاح الجواب بما قلناه ‏(‏قوله وإن نقب ثم ناوله آخر إلخ‏)‏ جواب الشرط قوله الآتي لا يقطع‏.‏ وأفاد أنه لا يقطع المناول ولا المتناول؛ لأن الأول لم يوجد منه الإخراج لاعتراض يد معتبرة على المال قبل خروجه والثاني لم يوجد منه هتك الحرز فلم تتم السرقة من كل واحد، وأطلقه فشمل ما إذا أخرج الداخل يده وناول الخارج أو أدخل الخارج يده فتناول من يد الداخل وهو ظاهر المذهب بحر ‏(‏قوله أو أدخل يده في بيت وأخذ‏)‏ أي من غير دخول في البيت، وقيد بالبيت احترازا عن الصندوق ونحوه كما يأتي ‏(‏قوله ويسمى اللص الظريف‏)‏ مأثور عن علي رضي الله عنه مع تفسيره بمن يدخل يده في نقب البيت كما في الزيلعي ‏(‏قوله لم يقطع في الصحيح‏)‏ ذكره أيضا في الفتح والبحر، ولينظر الفرق بين هذه المسألة ومسألة ما لو ألقاه في الطريق، ثم أخذه حيث لم يعتبر الكل فعلا واحدا كما اعتبر هناك مع أنه في المسألتين لم يوجد اعتراض يد معتبرة على المال قبل خروج السارق، ولعل الفرق أنه هناك تحقق إخراج المال خفية قبل خروجه، أما هنا فلا ثم لما خرج وأخذه من النقب لم يأخذه من حرز فصار كما إذا أدخل يده في بيت وأخذ تأمل ‏(‏قوله أو طر صرة خارجة‏)‏ الصرة‏:‏ هي الخرقة التي يشد فيها الدراهم، يقال صررت الدراهم أصرها صرا‏:‏ شددتها، والمراد هنا الكم المشدودة التي فيها الدراهم نهر، فقوله من نفس الكم بيان لقوله صرة ولذا زاد لفظ نفس لئلا يتوهم أنها من غيره‏.‏ وحاصل صور المسألة أربعة، قال في غرر الأذكار‏:‏ اعلم أن الصرة إن جعلت نفس الكم، فإما إن جعل الدراهم داخل الكم والرباط من خارج أو بالعكس‏.‏ وعلى التقديرين، فإما إن طر أو حل الرباط، فإن طر والرباط من خارج فلا قطع، وإن طر والرباط من داخل بأن أدخل يده في الكم فقطع موضع الدراهم فأخذها من الكم قطع للأخذ من الحرز، وإن حل الرباط وهو خارج قطع؛ لأنه حينئذ لا بد أن يدخل يده في الكم فيأخذ الدراهم، وإن حل الرباط وهو داخل لا يقطع؛ لأنه لما حل الرباط في الكم بقي الدراهم خارج الكم وأخذها من خارج‏.‏ وعند أبي يوسف والأئمة الثلاثة يقطع في الوجوه كلها؛ لأن الكم حرز‏.‏ ا هـ‏.‏ وتمام تحقيقه في الفتح

‏(‏قوله بفتح القاف‏)‏ صوابه بكسرها كما في شرحه على الملتقى والمنح وغيرها والطلبة والقاموس ط ‏(‏قوله أو حملا عليه‏)‏ أي على البعير، فلو على الأرض فهي مسألة الجوالق الآتية ‏(‏قوله؛ لأن السائق إلخ‏)‏ تعليل على النشر المشوش، فقوله؛ لأن السائق والقائد راجع لقوله أو من قطار وقوله والراعي راجع لقوله من مرعى ط ‏(‏قوله لم يقصدوا للحفظ‏)‏ بل يقصد الراعي لمجرد الرعي والسائق والقائد، وكذا الراكب يقصدون قطع المسافة ونقل الأمتعة‏.‏ وعند الأئمة الثلاثة كل من الراكب والسائق حافظ حرز، فيقطع في أخذ الجمل والحمل والجوالق والشق ثم الأخذ، وأما القائد فحافظ للجمل الذي زمامه بيده فقط عندنا‏.‏ وعندهم إذا كان بحيث يراها إذا التفت إليها حافظ للكل محرزة عندهم بقوده فتح‏.‏ وبه علم أن القائد ليس على إطلاقه عندنا؛ لأنه حافظ ما زمامه بيده، ولم أر التصريح به في غير هذه العبارة تأمل ‏(‏قوله وإن كان معها حافظ‏)‏ أي مع ما ذكر من بعير المرعى والقطار والحمل، وإطلاق محمد عدم القطع في مواشي المرعى محمول على عدم الحافظ، ولو كان الحافظ هو الراعي اختلف المشايخ‏.‏ ففي البقالي لا يقطع‏:‏ وهو الذي في المنتقى عن أبي حنيفة، وأطلق خواهر زاده ثبوت القطع مع الحافظ‏.‏ ويمكن التوفيق بأن الراعي لم يقصد لحفظها من السراق، بخلاف غيره فتح‏.‏ وفي المجتبى وكثير من المشايخ أفتوا بما قاله البقالي نهر ‏(‏قوله وإن شق الحمل‏)‏ أي جوالقا على الأرض أو على ظهر جمل قهستاني، وإنما قطع؛ لأن صاحب المال اعتمد الجوالق فكان هاتكا للحرز، بخلاف ما إذا أخذ الجوالق بما فيه، وكذا لو سرق من الفسطاط فإنه يقطع، ولو سرق نفس الفسطاط لا يقطع بحر، ويأتي بيانه ‏(‏قوله فسرق منه‏)‏ أي أخرج منه بيده ما قيمته عشرة دراهم فصاعدا، فلو خرج الشيء بنفسه ثم أخذه لا يقطع؛ لأن الإخراج من الحرز شرط قهستاني‏.‏ وفي حاشية نوح أفندي قيد بالأخذ من الحمل؛ لأنه إذا لم يأخذ منه بالذات بل أخذ من الأرض ما سقط منه بسبب شقه لا يقطع؛ لأنه لم يأخذ من الحرز ا هـ‏.‏ ومثله في اليعقوبية‏.‏ قلت‏:‏ ويشكل عليه ما لو نقب فدخل وألقى شيئا في الطريق ثم أخذه فإنه يقطع كما مر، إلا أن يجاب بأن الإلقاء في الطريق هناك معتاد كما مر، بخلافه هنا فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله أو سرق جوالقا إلخ‏)‏ معناه إذا كان الجوالق في موضع ليس بحرز كالطريق والمفازة والمسجد ونحوه حتى يكون محرزا بصاحبه فتح ‏(‏قوله بضم الجيم‏)‏ أي مع فتح اللام وكسرها وبكسر الجيم واللام‏:‏ الوعاء المعروف وجمعه جوالق كصحائف وجواليق وجوالقات قاموس ونحوه في الصحاح، وفيهما أن القاف والجيم لا يجتمعان في كلمة إلا معربة أو صوتا ‏(‏قوله وربه يحفظه‏)‏ أي يحفظ المسروق من الحيوان والحمل والمتاع مالكه أو غيره قهستاني‏:‏ أي فلا يلزم أن يكون الحافظ رب الجمل أو الحمل ابن كمال‏.‏ وأفاد أن هذه الجملة الحالية قيد في مسألة القطار أيضا، وهو ما أفاده الشارح أولا بقوله وإن كان معها حافظ، وهذا بخلاف مسألة الشق فقد قال السيد أبو السعود إنه يجب فيها القطع مطلقا، فإن الجوالق غير محرز، فاعتبر الحافظ وما فيه محرز به، ففي شقه وأخذ ما فيه يقطع وإن لم يكن معه حافظ للأخذ من الحرز، وفي أخذه بجملته لا يقطع إلا أن يكون معه من يحفظه، وكأنهم إنما تركوا التنبيه على ذلك لوضوحه ا هـ‏.‏ ملخصا ‏(‏قوله أو بقربه‏)‏ أي بحيث يراه كما مر ‏(‏قوله أو أدخل يده‏)‏ وكذا لو أدخل شيئا آخر يعلق بالمتاع قهستاني ‏(‏قوله في صندوق‏)‏ بالضم وقد يفتح جمعه صناديق كعصفور وعصافير قاموس‏.‏ وفي المصباح أن الفتح عامي ‏(‏قوله أو في جيبه‏)‏ جيب القميص ونحوه بالفتح‏:‏ طوقه قاموس، وكذا قال في المصباح‏:‏ جيب القميص بالفتح ما على النحر والجمع أجياب وجيوب، والمراد بالجيب هنا ما يشق بجانب الثوب لتحفظ فيه الدراهم، وهل إطلاق الجيب عليه عربي أو عرفي حموي‏.‏ وفي حاشية أبي السعود أن الأخذ من العمامة أو الحزام كالأخذ من الجيب ‏(‏قوله أو كمه‏)‏ أي بأن وضع شيئا في داخل الكم من غير ربط وإلا فهي مسألة الطر تأمل ‏(‏قوله فهتكه‏)‏ الهتك‏:‏ الخرق والشق

‏(‏قوله فسطاطا‏)‏ هو الخيمة ‏(‏قوله لم يقطع‏)‏؛ لأنه ليس محرزا، بل ما فيه محرز به فلذا قطع فيما فيه دونه فتح‏.‏ ونظيره ما لو سرق الجوالق كما مر ‏(‏قوله ولو ملفوفا‏)‏ أي ولو كان ملفوفا عنده يحفظه فتح ‏(‏قوله قطع‏)‏ أي إذا أخذه من حرز هو مكان أو حافظ ‏(‏قوله فتبعها أخرى‏)‏ أي خرجت من الحرز بنفسها من غير سوقه ولا إخراجه ‏(‏قوله قطع المحمول فقط‏)‏؛ لأنه لا عبرة للحامل، ألا ترى أن من حلف أن لا يحمل طبقا فحمل حامل الطبق لم يحنث جوهرة‏.‏ قلت‏:‏ ولذا لو جلس على المصلي طائر عليه نجاسة لا تفسد صلاته، ومثله صبي يستمسك بنفسه، بخلاف من لا يستمسك؛ لأن المصلي يصير حاملا للصبي والنجاسة

‏(‏قوله لكونه إقرارا بالسرقة إلخ‏)‏ المسألة منقولة في الفتح وغيره معللة بأن الإضافة على الحال والنصب على الاستقبال، وما هنا علل به في شرح الوهبانية عن التجنيس‏.‏ قلت‏:‏ وتحقيق المقام أن اسم الفاعل لا ينصب المفعول إلا إذا كان بمعنى الحال أو الاستقبال، فلو بمعنى الماضي مثل أنا ضارب زيد أمس وجبت إضافته وتسمى إضافة محضة والعامل يجوز إضافته، وتسمى غير محضة؛ لأنها على نية العمل والقطع عن الإضافة كما قرر في محله‏.‏ وبه ظهر أن اسم الفاعل حال الإضافة يحتمل أن يكون بمعنى الماضي أو الحال أو الاستقبال لكن لما كان الأصل فيما كان بمعنى الحال أو الاستقبال هو العمل، فالأصل في المضاف أن يكون بمعنى الماضي فيكون إقرارا بأنه سرق الثوب في الماضي، ويلزم منه أن يكون متصفا بسرقته أيضا في الحال فيقطع‏.‏ أما إذا نصب الثوب لزم أن يكون الوصف بمعنى الحال أو الاستقبال، فإن حمل على الحال لزم القطع، وإن حمل على الاستقبال لم يلزم، فلا يقطع بالشك وتعين حمله على الاستقبال، فيكون عدة بأنه سوف يسرق هذا الثوب لا إقرارا بأنه هو سارقه في الحال‏:‏ أي هذه السرقة المدعى بها فافهم‏.‏ ووقع في شرح الوهبانية هنا كلام غير محرر فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله قلت في شرح الوهبانية إلخ‏)‏ وعبارته قلت‏:‏ والقطع المذكور بإصراره وعدم رجوعه، أما لو رجع قبل رجوعه كما تقدم، وينبغي أن لا يجري في هذا الإطلاق؛ لأن العوام لا يفرقون فيفرق بين العالم والجاهل، اللهم إلا أن يقال يجعل هذا شبهة في درء الحد، وفيه بعد، والله أعلم‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ معناه أنه ينبغي أن يكون التفصيل السابق في حق العالم، أما الجاهل فلا يفرق بين كونه بمعنى الماضي أو الحال، وإنما يقصد الإقرار فيقطع مطلقا، إلا أن يجعل الإعراب شبهة دارئة في حقه فلا يقطع إذا نون، وفيه بعد؛ لأن التنوين دليل عدم إرادة الإقرار، هذا ما ظهر لي فتأمل‏.‏ه

‏(‏قوله وهذا إن عاد‏)‏ ظاهره ولو في المرة الثانية، لكن قيد بعضهم بما إذا سرق بعد القطع مرتين‏.‏ وفي حاشية السيد أبي السعود‏:‏ رأيت بخط الحموي عن السراجية ما نصه‏:‏ إذا سرق ثالثا ورابعا للإمام أن يقتله سياسة لسعيه في الأرض بالفساد‏.‏ ا هـ‏.‏ قال الحموي‏:‏ فما يقع من حكام زماننا من قتله أول مرة زاعمين أن ذلك سياسة جور وظلم وجهل، والسياسة الشرعية عبارة عن شرع مغلظ‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله قلت وقدمنا إلخ‏)‏ فيه كلام قدمناه هناك وفي هذا الباب عند تعزير المتهم، والله سبحانه أعلم‏.‏